الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف العلماء ***
قال سفيان: ما كان من رضاع قليل أو كثير أو سعوط أو وجور في الحولين فهو يحرم وما كان بعد الحولين فلا يحرم وهو قول أصحاب الرأي في قليل الرضاع وكثيرة يحرم وكذلك قال مالك. وقال الشافعي لا يحرم دون خمس رضعات ذهب على حديث عائشة أنها قالت كان فيما أنزل الله من القرآن وعشر رضعات يحرمن ثم مسخن بخمس معلومات قالت فهي ما يقرأ من القرآن. وقال أبو عبيد لا تحرم المصة والمصتان يعني علي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يجوز ذلك فهو يحرم وكذلك قال أبو ثور مثل قول أبي عبيد. وقال إسحاق لا أحرم دون خمس رضعات
واختلف أهل العلم في المطلقة ثلاثا هل لها السكنى والنفقة أم لا: فقال مالك والأوزاعي وأهل المدينة والشافعي وأبو عبيد لها السكنى ولا نفقة لها واحتجوا في إيجاب السكنى وإبطال النفقة لها بقول الله تعالى {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} قالوا فعم بالسكنى المطلقات كلهن ولم يخص منهن مطلقة دون أخرى وخص بالنفقة أولات الأحمال خاصة فدل ذلك على أن غير الحامل لا نفقة لها لأن النفقة لو وجبت لغير الحوامل لعمهن جيمعا بالنفقة كما عمهن بالكسنى واحتجوا بحديث فاطمة بنت قيس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها نفقة قالوا فأما أمره إياها بالانتقال فذلك لعلة واختلفوا في علته: فروى هشام بن عروة عن أبيه عن فاطمة بنت قيس أنها قالت يا رسول الله إن زوجي طلقني لا يأواني في دار أخاف أن يفتح علي فيها فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم – انتقلي. وقال سعيد بن المسيب تلك امرأة استطالت على أهل زوجها بلسانها فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنتقل وعلى هذا تأولت عائشة رضي الله عنها انتقالها. وقال ابن عباس في قوله تعالى { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} قال إلا أن تبدو على أهل زوجها بلسانها فتخرج فقالوا إنما أمرت بالانتقال لهذه العلة قال وإنما أنكر عمر بن الخطاب وغيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في روايتها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالانتقال ولم ينكروا النفقة لأن السكنى لها أصل في الكتاب وليس للنفقة أصل في الكتاب وكذلك قال عمر لا ندع كتاب الله ولا سنة نبيه لقول امرأة وإنما أراد السكنى لا النفقة. وقال سفيان: وأصحاب الرأي لها السكنى والنفقة جميعًا واحتجوا في السكنى مثل ما احتج به أهل المدينة واحتج محتجهم في النفقة بأن قالوا وجدنا للحامل النفقة في الكتاب فشهبوا غير الحامل بالحامل. وقال طائفة أخرى ليس للمطلقة ثلاثا سكنى ولا نفقة يروى هذا عن جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين وهو قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وكان هذا آخر فتيا إسحاق. قال أبو عبد الله: وأحب الأقوال إلي قول مالك
قال سفيان: لا بأس أن يكره الرجل عبده ووليدته على النكاح. وقال أصحاب الرأى له أن يكره أمته وليس له أن يكره عبده وقالوا عن زوج أمته بغير رضاها فالنكاح جائز عليها وإن زوج عبده بغير رضاه فلم يجز النكاح عليه وكذلك قال الشافعي وأبو ثور قال أبو عبد الله: وهذ القول أحب إلي قال سفيان: يكره أن يتزوج المسلم المملوكة النصرانية واليهودية لأن الله عز وجل قال {من فتياتكم المؤمنات} وقال مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور لا يجوز أن يتزوج المسلم بالأمة الكتابية. وقال أصحاب الرأي لا بأس أن يتزوج بالأمة اليهودية والنصرانية. واختلفوا في رد العيب في النكاح: فقال سفيان: وأصحاب الرأي لا ترد المرأة من عيب ولا الرجل وليس ينبغي لهم أن يدلسوا قال مالك وأهل المدينة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد لا ترد بشيء من العيوب علا بالعيب الذي ذكرت عن عمر بن الخطاب وهي الجنون والجذام والبرص. وقال بعضهم والرتق فإنه إذا وجد بها أحد هذه العيوب الأربعة فهو بالخيار إن شاء فسخ وإن شاء أقام معها فإن هو فسخ النكاح ولم يدخل بها فلا مهر لها وإن دخل بها فلها المهر. اختلفوا في المهر هل يرجع على من غره أم لا؟ ففي حديث عمر بن الخطاب أنه قال يرجع بالمهر على وليه الذي غره منها. وقال مالك بن أنس إن كان الذي زوجه أب أو أخ أو من يرى أنه يعلم ذلك يرجع بذلك عليه وإن كان ابن عم أو رجلا من العشيرة أو مولى ممن لا يرى أنه يعلم بذلك ردت المرأة عليه ما أخذت وترك لها أقل ما يستحله من الفرج. وقال الزهري والأوزاعي يرجع بالمهر على الولي إن كان قد علم بذلك فإن ادعى أنه لم يعلم حلف فلم يرجع عليه بشيء وكان الشافعي يقول بهذا وهو ببغداد له أن يرجع بالمهر على الذي غره ثم قال بمصر إذا دخل بها فلها المهر ولا يرجع به على أحد لأن المهر عوض من الوطئ واحتج بحديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أيما امرأة نكحت بغير بإذن وليها فالنكاح باطل ولها المهر بما استحل من فرجها. وقال أحمد يرجع بالصداق على من غره. قال أبو عبد الله: لا يرجع بالصداق على الولي وإن علم الولي بذلك لأن الصداق إنما وجب عليه عوضا من الوطئ فإذا كان الصداق عوضا من الوطئ فالوطئ عوض منه فإذا كان أحد عوضه فغير جائز أن يرجع به على أحد ولو وجب أن يرجع به على أحد لم يقض به إلا على المرأة لأن المرأة نفسيها قد غرته وهي كانت أعلم بنفسها من غيرها فلا يجوز أن تعطي هي وهي الغارة ويرجع به على غيرها. وكذلك قالوا والرجل إذا وجبت المرأة بهأحد هذه العيوب أنهابالخيار عن شاءت فسخت النكاح وعن شاءت أقامت معه وهو قول مالك والشافعي وأبي عبيد. وقال أبو عبد الله: أميل على هذا قال أبو عبد الله: فإن اختارت المرأة فراقه بعد الدخول فإذا الشافعي قال لها المهر ولها فراقه هو إذا لم تعلم به المرأة حين دخل بها. واختلفوا فيمن يراجع امرأته فيجامعها أو يقبلها أو ينظر على فرجها لشهوة هل يكون بذلك مراجعة أم لا: فقال سفيان الثوري إذا أراد أن يراجع إمرأته فليشهد رجلين على رجعتها وعن هو جامع ولم يشهد فقد راجع وهي امرأته وجماعه رجعة ولكن يشهد فإن قبل فهي رجعة ويستغفر وكذلك قال أصحاب الرأي وقالوا وكذلك عذا نظر على فرجها لشهوة فهو مراجعة نوى ذلك أو لم ينو قال مالك إنما الرجعة الغشيان خاصة مع نية المراجعة فإن لم يرد به مراجعة لم يكن ذلك مراجعة وقال الشافعي وأبو ثور لا تكون مراجعة علا باللسان حتى يقول قد راجعتك وقال أبو عبيد لا تكون الرجعة إلا بالغشيان خاصة والغشيان مراجعة نوى أم لم ينو ذلك قال الشافعي فإن جامعها من قبل أن يراجعها فلها عليه مهر مثلها وتستأنف العدة من الجماع وله عليها الرجعة ما لم تنقض عدتها من الطلاق وقال الأوزاعي إذا جامعها فقد راجعها قال أبو عبد الله: والقياس عندي أن لا يكون رجعة إلا باللسان وإن جامعها ونوى رجعة لم يكن رجعة قال سفيان: إذا كانت المملوكة تحت الحر فطلقها تطليقتين فبانت منه ثم اشتراها بعد ذلك فلا تقع عليها حتى تنكح زوجا غيره فيدخل بها وهذا قول أصحاب الرأي وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأحمد وإسحاق لا بأس أن يقع عليها إذا اشتراها لأن المملوكة إذا كانت تحت حر لا تبين إلا بثلاث تطليقات لأن الطلاق عندهم بالرجال والرجل حر فإذا طلق ثلاثا ثم اشتراها لم تحل له أن يطأها حتى تنكح زوجا غيره فيدخل بها
واختلفوا في إجبار الأم على إرضاع ولدها: فقال سفيان: ليس للرجل أن يجبر المرأة على الرضاع إذا كرهت كانت عنده أو فارقها إلا أن لا يوجد له ظئر فإن لم يوجد له ظئر وخشي عليه أجبرت على رضاعه بأجر إن شاءت أخذت الأجر وإن شاءت لم تأخذه وتعطى أجر مثلها للرضاعة وقال يحيى بن آدم سألت شريكا عن الرجل تأبى عليه امرأته أن ترضع ولدها منه فقال ذلك لها وعليه أن يستأجر لها ظئرا فقلت فإن جعل له الزوج أجرا على الرضاع وهي امرأته قال ذلك لها وقال أصحاب الرأي ليس على الأم أن رضع ولدها كانت عنده أو كانت مطلقة وعلى الزوج أن يستأجر لولده ظئرا إذا أبت أن ترضع وليس لها أن تأخذ أجرا من الزوج إلا أن تكون مطلقة فإن كانت مطلقة فلها أن تأخذ الأجر وقال يحيى بن آدم سألت الحسن بن صالح أن المرأة تأبى أن ترضع ولدها من الرجل فقال ليس للزوج أن يجبر امرأته على رضاع ولده منها ما لم يطلقها لأن عليه نفقتها وإنما يكون أجر الرضاع للمطلقة لأن قوله تعالى { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى} في سورة الطلاق وقال المطلقة أحق بولدها أن ترضعه. وقال أبو ثور إذا كانت المرأة عند زوجها فعليها رضاع ولدها لقول الله عز وجل {والوالدات يرضعن أولادهن} ثم أخبر في المفارقة إذا أرضعت أن لها أجرا ثم قال {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى} فأبان حكم الزوجة من حكم المفارقة قال أبو الفضل وجدت في موضع آخر قال أبو عبد الله: هذا صحيح
واختلفوا في متاع البيت إذا فارق الرجل امرأته: فقال سفيان: ما كان من شيء يعرف أنه للنساء فهو للمرأة وما كان من سوى ذلك فهو للرجل إلا أن تقيم المرأة البينة قال الشافعي كل ما في أيديهم لهو بينهما نصفين وسواء في ذلك متاع الرجال والنساء إلا أن يقيم أحد منهما بينة على شيء فيكون له وهو قول أبي ثور واختلف أصحاب الرأى في ذلك فقال أبو حنيفة ما كان للرجل فهو للرجل وما كان للنساء فهو للمرأة وما كان للرجال والنساء فهو للباقي منهما المرأة كانت أو الرجل والباقي للزوج في الطلاق وقال صاحباه أعطيها ما تجهز به مثلها والفضل للزوج. وقال أبو احسن ما يكون لهما جميعًا فهو للزوج على كل حال. وقال ابن أبي ليلى إذا مات الزوج أو طلق فمتاع البيت كله للرجل إلا الدرع والخمر وشبهه إلا أن يقوم أحدهما بينة على دعواه. واختلفوا في نفقة الحامل بعد وفاة زوحها: فقال سفيان: وابن أبي ليلى ينفق عليها من جميع المال حتى تضع وكذلك قال أبو عبيد وهو قول شريح وإبراهيم النخعي والشعبي وحماد وروي ذلك عن عبد الله وعلي وابن عمر وقال مالك وأهل المدينة لا ينفق علهيا إلا من نصيبها وكذلك قال أصحاب الرأي وهو قول الشافعي وروي ذلك عن ابن عباس وجابر وابن الزبير. قال أبو عبد الله: وهذا أحب إلي. واختلفوا في نفقة الصبي إذا وضعت المرأة حملها ولم يبلغ نصيب ما ينفق عليه على من تكون نفقته: فقال سفيان: إذا وضعت المرأة أنفق على الصبي من نصيبه فإن لم يبلغ نصيب الصبي ما ينفق عليه أجبرت العصبة الذين يرثونه على أن يسترضع الصبي. وقال أصحاب الرأي: يجبر على رضاع الصبي ونفقته على ذي رحم محرم. وقال الحسن بن صالح وابن أبي ليلى يجبر على نفقة كل وارث على قدر ميراثه عصبة كانوا أو غيرهم وهكذا قول أحمد وإسحاق وأبي ثور. وقال مالك بن أنس: لا يجبر على نفقة الصبي إلا الوالدين وهو قول الشافعي ومن قال هذا تأول قوله تعالى {وعلى الوارث مثل}. ذلك من أن لا تضار الوالدة بولدها إلا على الرضاع والنفقة واختلف أهل العلم متى يجب الصداق كاملا على الزوج: فقال الثوري إذا تزوج الرجل فخلا بها وأغلق بها وأرخى الستار فلها المهر كاملا وإن لم يدخل بها إذا جاء ذلك من قبله وعليها العدة جامع أو لم يجامع وكذلك قال أصحاب الرأى والأوزاعي. وقال مالك إذا دخل على امرأته في بتيها صدق عليها وإذا دخلت في بيته صدقت في المسيس. وقال أحمد إذا أغلق الباب وأرخى الستار فقد وجب الصداق وذهب على حديث عمر وعلي وزيد بن ثابت وقال الشافعي لا يجب الصداق الكامل إلا بالمسيس ولا تجب العدة لقول الله عز وجل { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} وهذا قول أبي ثور وقال جل ثناؤه في الصداق { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} وهذا القول روي عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وجابر وشريح وطاووس.
قال سفيان: وأصحاب الرأى ومالك والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل عدة المختلعة إن كانت ممن تحيض ثلاث حيض وإن كانت ممن يئسن من الحيض فثلاثة أشهر ويروى هذا القول عن عمر وعلي. وقال إسحاق وأبو ثور عدتها حيضة يروى هذا القول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عدتها حيضة وروى عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة مرسلا قال أبو عبد الله: وأنا أذهب في هذا على أن عدتها ثلاثة عقراء لأن الأمة قد اجتمعت على أن كل مفارقة سوى المختلعة مطلقة كانت أو غير مطلقة عن عدتها ثلاثة قروء وكذلك المختلعة قياس من المفارقات قال سفيان: وأصحاب الرأي الخلع تطليقة بائنة لا يملك رجعتها ويخطبها في عدتها ولا يخطبها غير زوجها وكذلك قال مالك وقال أحمد وإسحاق الخلع فرقة وليس بطلاق إلا أن يسمى طلاقا فإن سمى تطليقة فهي تطليقة بائنة وإن سمى أكثر فهو ما سمى وقال الشافعي في آخر قوله عن الرجل إذا خلع امرأته نوى الخلع طلاقا أو سماه فهو طلاق فإن كان قد سمى واحدة فهي واحدة بائنة وإن لم ينو طلاقا ولا سماه لم تقع الفرقة وقال أبو ثور إذا لم يسم طلاقا فانخلع فرقة وليس بطلاق فإن سمى تطليقة واحدة فهي واحدة والزوج مالك برجعتها ما دامت في العدة واختلفوا في المشرك يسلم وعنده أكثر من أربعة نسوة: فقال سفيان: وأصحاب الرأي إذا أسلم الرجل المشرك وعنده ثمان نسوة أو تسع أو عشر فإن كان نكحهن جميعًا في عقد فرق بينه وبينهن وإن كان نكح واحدة بعد الأخرى حبس أربعا منهن الأولى فالأولى وترك سائرهن وكذلك قال الأوزاعي وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد يختار منهن سوى نكحهن في عقد واحد أو واحدًا بعد واحد وكذلك إذا أسلم وعنده أختان فاختار منهما أيتهما شاء وفي قول سفيان وأصحاب الرأي تحبيس فهما الأولى. وذهب مالك والشافعي على حديث غيلان بن سالم أنه أسلم وعنده عشر نسوة فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخير منهن أربعا وحديث فيروز الديلمي أسلم وعنده أختان فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يختار أيتهما شاء.
واختلفوا في ميراث المرتد: فقال سفيان: وأصحاب الرأي إذا ارتد الرجل عن الإسلام عرض عليه الإسلام فإن أبى أن يسلم قتل وميراثه لولده المسلمين وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن وابن أبي ليلى ميراث المرتد فيء وكذلك قال الشافعي وأحمد وأبو ثور وقال قتادة ميراثه لورثته من أهل ملته واختلفوا في قتل المرتدة إذا ارتدن عن الإسلام: فقال سفيان وأصحاب الرأى: إذا ارتدت المرأة حبست ولم تقتل. وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد تقتل المرأة إذا ارتدت عن الإسلام لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من بدل دينه فاقتلوه لحديث ابن عباس قال أبو عبد الله: على هذا أذهب. قال سفيان: إذا هي أسلمت عرضت عليه الإسلام فإن أسلم كانت أم ولده فإن أبى أن يسلم قومت عليه قيمتها فسعت في قيمتها وإن أسلم بعد ذلك فليس له أن يأخذها أم ولد له ولكن تسعى له فإن مات قبل أن تؤدي فليسى عليها شيء وهي حرة وكذلك قال أصحاب الرأى ويروى هذا عن الحسن وقال عمر بن عبد العزيز يؤدى عليه قيمتها من بيت المال وتعتق وقال مالك هي حرة ولا شيء عليها وقال الأوزاعي تسعى في نصف قيمتها وهي حرة وقال عبيد الله بن الحسن تؤدي عليه في كل يوم قيمة خدمتها فإن هي أدت في قيمة الخدمة ما يبلغ قيمة رقبتها قبل أن يموت مولاها فهي حرة وإن مات مولاها قبل أن تؤدي قيمة رقتبها عتقت وقال الشافعي إذا أسلمت حولت عنه وأخذ بالنفقة عليها وله أن يستعملها فيما شاء وهي معتزلة عنه ويؤاجرها على أن يموت فإذا مات فهي حرة قال أبو عبد الله: أذهب على هذا ولا أعلم بين أهل العلم اختلاف أن الرجل إذا مات عن أم ولده فلا بأس أن تطيب وتخرج وتخضب ولا تتزوج حتى تمضي عدتها واختلفوا في عدتها من وفات سيدها ومن عتقه إياها: فقال سفيان وأصحاب الرأى: عدتها ثلاث حيض في الوفاة والعتق جميعًا وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأحمد عدتها حيضة في العتق والوفاة جميعًا وذهبوا على حديث ابن عمر وقال الأوزاعي عدتها في الوفاة أربعة أشهر وعشرا وفي العتق ثلاث حيض وكذلك قال إسحاق واحتج بحديث عمرو بن العاص لا تلبسوا علينا سنة نبينا عدة أم الولد عذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشرا وضعف أحمد وأبو عبيد حديث عمرو بن العاص ولم يثبتاه
قال سفيان وأصحاب الرأي: عذا قال الرجل لأمرته: اعتدي. وهو ينوي ثلاثا فهي واحدة ويكون أحق بها وقول أهل الرأى في المكنى كله سواء اعتدي أنه نوى بأن ثلاثا فهو ثلاث وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وقالوا في اعتدي واحدة يملك الرجعة وهذا تناقض واختلفوا في الرجل يقول لامرأته أنت طالق وهو ينوي ثلاثا: فقال سفيان وأصحاب الرأي: هي واحدة وهو أحق بها ووافقهم على هذا القول الأوزاعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وإسحاق: إن نوى ثلاثا فهو ثلاث إذا قال لها أنت طالق وعن نوى اثنين فهو اثنين وهذا القول أحب إلي
واختلفوا في المسلم هل يحصن بغير المسلمة: فقال سفيان وأصحاب الرأي: لا يحصن المسلم بالنصرانية ولا بالمملوكة ولا يحصن إلا بمسلمة حرة وتأول بعضهم في ذلك الحديث الذي يروى عن كعب بن مالك أنه أراد أن يتزوج يهودية فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - دعها عنك فإنها لا تحصنك وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأحمد وأبو عبيد وإسحاق اليهودية والنصرانية إذا كانت تحت مسلم ودخل بها فزنا أو زنت رجم أيهما زنا واحتجوا بأن النبي صلى اله عليه وسلم رجم يهوديا ويهودية وقالوا إنما كانا محصنين إذ رجمها النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أحمد في الأمة لا تحصن الحر لأنها إن زنت لم ترجم وأما حديث كعب بن مالك فليس له إسناد يحتج بمثله ولو كان ثابتا لكان معناه على خلاف ما ذهبوا عليه والإحصان في كلاما لعرب يقع على معان منه العفة وقال أبو عبيد: هذا التأويل الذي تأوله هؤلاء في حديث كعب بن مالك من أوحش ما يتأول على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي أصحابه أن يظن بهم الزنا وليس هذا من مذهب الأنبياء ولا كلامهم ولكنه أراد عندنا تنزيهه عنها طلاية التي فيها شرط المحصنات دعها عنك فإنها لا تحصنك يقول إذا كانت مشركة لم تؤمن أن تكون غير عفيفة لم يضعك عن جماعها بموضع الحصانة منها ولكنها تكون قد أوطأتك من نفسها غير عفاف وهذا الطريق الذي سلكه عمر في كتابه على حذيفة فيما كتب وكذلك حديث ابن عمر من أشرك بالله فليس بمحصن إنما أراد عندنا ما أعلمتك. واختلفوا فيما نوى به من الطلاق مما يشبه الطلاق: فقال سفيان في قول الرجل لامرأته: اذهبي إلى أهلك أو أخرجي أو حبلك على غاربك أو ليس لي عليك سبيل أنه إذا نوى طلاقا كانت نيته فإن نوى ثلاثا فهو ثلاث وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وهي أحق بنفسها وكذلك قال أصحاب الرأى إلا أنهم قالوا إن نوى اثنتين لم تكن ثنتين وقال مالك وأهل المدينة والأوزاعي والشافعي وأبو عبيد: كلما أراد به الطلاق من هذه الأخرى التي ذكرها سفيان فهي تطليقة يملك الرجعة إلا أن ينوي أكثر من ذلك فتكون على ما نوى ثنتين أو ثلاثا والقول عندي إلى ما قال مالك وأهل المدينة قال سفيان: وأصحاب الرأى في رجل قال لامرأتين إحداكما طالق أيتهما نوى فهي طالق وإن لم ينو اختار إحداهما وقال أبو عبيد إذا قال أحدكما طالق فإن كان المطلق اعتقد على نفسه خيارًا إلى أن ينظر في أمره ويروى ثم يعزم على إحداهن كان له ذلك فإن لم يعتقد ذلك في نفسه ولكنها وقع الطلاق على إحداهن من ساعته من غير نظرة ولا روية اشتركهما لنفسه فلا مذهب له إلا اعتزالهن جميعًا لأنه قد علم أن إحداهن مطلقة من غير تعريف بعينها ولا خيار له فيها وقال أبو ثور إذا قال أحدكما طالق ولا نية له في واحدة بيعنها فإنه يقرع بينهما فمن أصابته القرعة طلقت وكانت الأخرى امرأته واختلفوا في اختلاف الزوج والمرأة في المهر إذا قالت المرأة أكثر مما أقر به الزوج: فقال سفيان: إذا اختلفا وليس بينهما بينة فلها مهر مثلها من نسائها وهذا القول روي عن إبراهيم وهو قول حماد وأبي عبيد وبعض أصحاب الرأي وقال الشعبي والحكم وابن شبرمة وابن أبي ليلى القول قول الزوج مع يمينه وقال مالك إن لم يكن دخل بها فإنهما يتحالفان فإن حلف ولم ترض المرأة بقول الزوج فسخ النكاح وقال الشافعي يتحالفان ولها مهر مثلها والنكاح ثابت وسواء اختلفا قبل الدخول أو بعده قال سفيان: إذا غاب الرجل عن امرأته فبلغها أنه قد مات فتزوجت ثم جاء زوجها الأول بعد وقد دخل بها هذا الزوج الآخر فلها المهر من الآخر ويعتزلها الآخر حتى تمضي عدتها ثم ترجع على الأول والولد للزوج الأخير فإن فارقها الزوج الأول وهي عند الأخير فتكفيها عدة منهما وكذلك قال أصحاب الرأي إلا في الولد الذي ولدت على فراش الثاني فإن كبيرهم قال يلحق بالزوج الأول وخالفه أصحابه فقالوا يلحق الولد بالثاني وكذلك قال الشافعي وأحمد وإسحاق قال سفيان: عذا فجرت المرأة قبل أن يدخل بها زوجها أقيم عليها الحد ونكاحها كما هو وكذلك قال في الرجل إذا أتى يجلد وينفى سنة إذا لم يكن دخل بالمرأة وإن كان قد أحصن يرجم وكذلك قال الشافعي وأحمد وإسحاق وقال أصحاب الرأي مثل قولهم إلا في النفي فإنهم قالوا لا ينفى الزاني ولا الزانية وقال سفيان: إذا فجر الرجل بالمرأة ثم أحب أن يتزوجها فعل وإن فجرت بغيره أيضا فلا بأس أن يتزوجها وكذلك قال أصحاب الرأي وهو قول الشافعي وأحمد ويروى هذا عن أبي بكر وعمر وابن عباس وجابر وقال أبو عبيد إذا كانا قد تابا فلا بأس أن يتزوجا وإن لم يكونوا تابا فليس له أن يتزوج بها روي هذا عن عبد الله بن مسعود وسعيد بن المسيب والحسن وطاووس وقالت عائشة والبراء هما زانيان على يوم القيامة وقد روي هذا عن ابن مسعود قال أبو عبد الله: أحب الأقوال علي ما قاله سفيان ومن وافقه قال سفيان: إذا تزوج الرجل بالمرأة ثم نظر على فرج أمها أو قبلها أو لمسها فإن ابنتها تكره له وإذا فعل ذلك بامرأة ابنه فسدت على ابنه وهو قول أصحاب الرأى وقال سفيان: إذا جامع الرجل امرأته وابنة امرأته فسدت عليه البنت والأم وكذلك قال الأوزاعي وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأصحابه وأبو ثور وعمر إذا زنا الرجل بالمرأة فلا بأس أن يتزوج بأمها وابنتها وكذلك إذا تزوج بامرأة ثم زنا بأمها أو ابنتها لم تحرم عليه امرأته وذهبوا على حديث ابن عباس في رجل زنا بأم امرأته ألا تحرم عليه امرأته ويروى ذلك عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري وقال أحمد وإسحاق إذا زنا بالمرأة فليس له أن يتزوج بأمها ولا ابنتها وإن قبلها أو باشرها فلا بأس أن يتزوج بأمها أو ابنتها وكذلك إن كان قد تزوج ثم زنا بأم امرأتهأ وابنتها حرمت عليه امرأته وإن قبلها أو باشرها لم تحرم عليه ويروى هذا عن أبي هريرة. قال أبو عبد الله: والذي أذهب عليه قول مالك وأهل المدينة والشافعي وأبي ثور ومن تابعهم واختلفوا في المرأة تطلق فتحيض حيضة أو حيضتين ثم ترتفع حيضتها: فقال سفيان: وأصحاب الرأي تنتظر حين تيأس من المحيض فإذا يئست من المحيض اعتدت ثلاثة أشهر وهذا آخر قول الشافعي وذهبوا على حديث ابن مسعود نحو هذا وقال مالك وأهل المدينة: تربص سنة ثم تزوج وكذلك قال أحمد وإسحاق وأبو عبيد وذهبوا على حديث عمر بن الخطاب أنه قال إذا ارتفعت حيضتها فإنها تربص تسعة أشهر للحمل ثم تعتد ثلاثة أشهر ثم تتزوج وهذا إذا كان ارتفاع حيضتها لغير علة تعرف وإذا ارتفعت حيضتها لعلة مرض أو رضاع فإنها تربص حتى ترتفع عنها تلك العلة إن كانت مريضة حتى تبرأ وإن كانت مرضعة حتى تفطم ولدها فإن عاودها الحيض بعد ذلك اعتدت بالحيض وإلا تربصت سنة ثم تتزوج هذا في قول مالك ومن ذكرنا من متابعته. واختلفوا في الإقامة عند البكر إذا تزوجها على الثيب وعند الثيب إذا تزوجها على البكر: فقال مالك وأهل المدينة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا ثم قسم وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم وكذلك قال الشافعي وأحمد وأبو عبيد ويروى هذا القول عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال سفيان: كان يقال إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم بينهما بعده وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ليلتين ثم قسم بينهما ويروى هذا القول عن الحسن وابن سيرين وكان الأوزاعي يقول مثل ذلك وقال أصحاب الرأى إذا تزوج المرأة بكرا كانت أو ثيبا وله امرأة غيرها لم يقم عندها إلا كما يقيم عند التي كانت عنده ويقسم بينها سواء ولا يفضلها بشيء وقال أبو ثور وهذا خلاف السنة والأثر عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال سفيان: وأصحاب الرأي إذا أعطت المرأة زوجها شيئا فقبضه فليس لها أن ترجع عليه وقال أحمد وأبو ثور ليس لقريب ولا لبعيد أن يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده وروي هذا عن ابن عمر وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان إسحاق يقول: للمرأة أن ترجع فيما وهبت زوجها وليس للزوج أن يرجع فيما وهب لامرأته روي ذلك عن جماعة من التابعين. قال أبو عبد الله: والذي أذهب عليه قول أحمد وأبو ثور واختلفوا في الطلاق قبل النكاح: فقال سفيان: إذا قال إن تزوجت فلانة فهي طالق وإن تزوجت من بني فلان أو من البصرة أو من الكوفة أو وقت سنة أو أكثر فإن تزوج وقع عليها الطلاق فلها نصف المهر وأن كان دخل بها فلها المهر بما دخل بها ويفرق بينهما فإن لم يكن دخل بها فلها نصف المهر ويفرق بينهما وكذلك قال أصحاب الرأي وسواء عندهم بقوله النساء كلهن أو خص بعضهن دون بعض قال مالك إن سماها أو خص بلدا أو قبيلة أو وقت وقتا وقع الطلاق فإن عم فليس بشيء وكذلك قال ابن أبي ليلى وقال الأوزاعي إن كان قد تزوجها لم آمره أن يفارقها وإن لم يكن تزوجها آمرها أن يتزوجها وكذلك قال أبو عبيد وقال أحمد إن تزوج لم آمره أن يفارقها وقال ابن عيينة لا بأس أن يتزوج بما خص أو عم وقال الشافعي يذهب على هذا وهو قول أبي ثور وكان إسحاق يقف في المنصوبة خاصة فلا يفتي فيها في كلما لم يسمي امرأة بعينها وكان يقول لا بأس أن يتزوج بها قال أبو عبد الله: والذي أذهب عليه أن المنصوبة وغيرها سواء في ذلك وأنه عن تزوج بها لم يقع عليها الطلاق والذي اختاره له أن يتزوج بها قال سفيان: إذا طلق الرجل امرأته وهي نصرانية فتزوجها نصراني ودخل بها ثم طلقها فهو زوج فلا بأس أن ترجع إلى زوجها الأول وكذلك قال أصحاب الرأي وهو قول الشافعي وأبي عبيد وقال مالك لا ترجع إلى زوجها الأول حتى يتزوج بها مسلم وقال مالك وكذلك المسلم يتزوج المسلمة ثم يجامعها حائضا فإنه لا يحلها لزوجها ولا يحلها على الوطئ الحلال وقال أصحاب الرأى تحل لزوجها كما يحل الوطئ في الطهر قال أبو عبد الله: إذا وطئها في الحيض فقد حل للزوج الأول لأنه قد وطئها وكذلك قال في الأول واختلفوا في الرجل يطلق امرأته فتتزوج زوجا ليحلها لزوجها الأول: فقال سفيان الثوري والأوزاعي ومالك لا تحل لزوجها الأول وكذلك قال أحمد وأبو عبيد وإسحاق لأن النكاح فاسد إذا تزوج بها ليحلها للأخبار التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعن الله المحل والمحلل له وحديث عمر (لا أوتي بتحل ولا محلل إلا رجمتهما) وقال الشافعي إذا تزوج بها ليحلها فالنكاح ثابت إذا لم يشترط ذلك في عقد النكاح مثل أن يقول أنكحك حتى أصيبك فتحلين لزوجك الأول فإذا أصبتك فلا نكاح بيني وبينك فإذا اشترط هذا فالنكاح باطل وليس هو حال ولا محلل له قال أبو عبد الله: أذهب على قول سفيان ومالك والأوزاعي واختلفوا في طلاق المكره: قال سفيان: إذا أخذ السلطان رجلا فأكره على طلاق أو عتق فأحلفه جاز عليه إلا أن يكون درك ذلك على شيء ينوي شيئا وكذلك قال أصحاب الرأى وقال الأوزاعي ومالك بن أنس وأهل المدينة وأحمد بن حنبل وإسحاق لا يجوز طلاق المكره ولا عتاقه وكذلك قال أبو ثور واحتجوا بقول الله تعالى {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قالوا فرخص الله للمكره أن يفكر بلسانه قال فيما دون الكفر من أفعال اللسان أولى أن يكون مرخصا فيه واحتجوا بالأخبار التي رويت أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم لم يجيزوا طلاق المكره يروى ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وابن الزبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه إلا أنه ليس فيها شاهد يحتج بمثله والحجة بمذهب سفيان حديث عليّ: (كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه) ويذهب أبو عبد الله في هذا على أنه لا يجوز طلاقه وقد أجمعوا أنه لا يجوز بيعه ولا إقراره إذا أقر بدين وكذلك طلاق المكره قياسا على هذا واختلفوا في الرجل يتزوج المرأة ويشترط لها أن لا يخرجها من دارها ولا يتزوج عليها ونحو هذا: فقال سفيان: إذا تزوجها خرج بها إن شاء وتزوج عليها إن شاء ولكن أحسن أن يفي بالشرط أن لا يخرجها وأما التزويج فليتزوج وإن شرط لها أن هو تزوج علهيا فلها كذا وكذا فليس مؤحذ بشيء من ذلك إذ فعل وكذلك قال الشافعي وهو قول مالك وأهل المدينة وأصحاب الرأي وهو قول أبي عبيد وقال الأوزاعي الشرط جائز وليس له أن يخرج بها من بلدها وكذلك قال أحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وكذلك إذا اشترط أن لا يتزوج عليها فإن تزوج فالنكاح جائز والشرط لازم قال أحمد فإن هو تزوج عليها فهي مخيرة واحتجوا بحديث عقبة ابن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج قال أبو عبد الله: يبطل الشرط ويثبت النكاح لأن الله تعالى قد أباح للرجل أن يتزوج أربعا وأن يتسرى فإذا هي شرطت عليه أن يتزوج ولا يتسرى فقد شرطت عليه تحريم ما أحل الله وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا) وقوله في قصة بريرة حين شرطوا عليها الولاء فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - الشرط ثم خطب الناس فقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليس من كتاب الله ألا إن كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط واختلفوا الذين أبطلوا هذه الشروط فيما يجب لها من المهر إذا هي نقصته من مهر مثلها بسبب هذه الشروط التي شرطت عليه: فقال سفيان: ومالك إن كانت نقصته من مهر مثلها على أن لا يخرجها من دارها كان له أن يخرجها ولا يلزمه الصداق أكثر مما سمى لها وقال الشافعي يكمل لها مهر مثلها ويبطل الشرط مثل أن يشترط عليها أن يقسم لها ا لليالي أقل مما يقسم لسائرها أو ينفق عليها أقل مما يجب عليه فالشرط باطل ولها مهر مثلها وتبطل الزيادة التي زادها بسبب هذه الشروط فإن هي كانت شرطت عليه عنه أن أخرجها فصداقها ألفان وإن لم يخرجها فصداقها ألف فإن شريحا قضى بتجويز الشرط على ما اشترطا وكذلك قال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وأما الذين أبطلوا الشرط فإنهم اختلفوا في ذلك: فقال طائفة أخرى له أن يخرجها والشرطان جميعًا جائزًان وفي قول الشافعي الشرط باطل ولها مهر مثلها أخرجها أو لم يخرجها كان مهر مثلها أقل أو أكثر مما سمى لها قال أبو عبد الله: وهكذا القول عندي على ما قال الشافعي قال سفيان: وأصحاب الرأى إذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين ثم إنه سافر وأشهد على رجعتها قبل أن تمضي عدتها أو لم يبلغها ثم تزوجت فهو أحق بها دخل بها الآخر أو لم يدخل بها وروي هذا القول عن علي بن أبي طالب وكذلك قال الشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وقال مالك وأهل المدينة إذا لم يبلغها الرجعة فتزوجت ثم جاء زوجها الأول فأثبت أنه قد راجعها في العدة فإن لم يكن دخل بها الآخر فهو أحق بها ترد عليه وإن كان دخل بها لم يكن للأول عليها سبيل وهي امرأة الآخر يروى هذا عن عمر بن الخطاب قال أبو عبد الله: والقول المروي عن علي والذي قال به سفيان أحب علي وإن جاءت بولد فالولد للآخر وقال النعمان: الولد للأول قال سفيان وأصحاب الرأى إذا قال الرجل لأمرأة أتزوجك على طلاق امرأتي هذه وله امرأة فتزوجها على ذلك فلها مهر مثلها إن كان دخل بها وإن لم يكن دخل بها فطلقها فلها المتعة فإن مات عنها فلها مهر مثلها وفي قول الشافعي إن طلقها قبل الدخول بها فلها نصف المهر مثلها كذلك كل مهر مجهول فإنه فاسد وتم عقد النكاح عليه ثم طلق قبل الدخول فلها نصف مهر مثلها في قول الشافعي وذلك مثل أن يتزوج على حكمها أو حكمه أو يتزوجها على ثمرة لم يبدو صلاحها وما أشبه ذلك من الصداق المجهول أو الفاسد وفي قول سفيان وأصحاب الرأي في هذا كله إذا طلقها قبل الدخول فلها المتعة وكذلك قال أبو ثور قال أبو عبد الله: وهذا أصح القولين عندي قال سفيان: وأصحاب الرأى إذا قال الرجل لامرأته إن دخلت دار فلان فأنت طالق ثلاثا فطلقها تطليقة بائنة ثم دخلت لم يقع عليها الطلاق بدخولها وكذلك قال إسحاق وفي قول مالك والشافعي وأصحابه وأبي عبيد إذا قال لامرأته أنت طالق تطليقة بائنة وقد دخل بها فإن له عليها الرجعة ما دامت في عدتها وقوله بائنة باطل لأن الله جل وعلا قد جعل للمطلق واحدة واثنتين الرجعة ما دامت في العدة فقال تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} إلى قوله عز وجل {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}. قالوا فلا يبطل ما جعله له وملكه عياه بقوله كما لو أعتق عبدا له علىأن لا دلالة كان العتق جائزًا وكان الولاء له لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (الولاء لمن أعتق) فلا يبطل الولاء بإبطاله إياه وكذلك الرجعة لا تبطل بإبطاله إياه ويروى هذا عن عبد الله بن مسعود من حديث ابن أبي ليلى أنه قال لا يكون طلاق بائن إلا في خلع وإيلاء وفي قول الشافعي ومن سمينا إذا قال لها أنت طالق ثلاثا إن دخلت دار فلان ثم قال لها أنت طالق تطليقة بائنة ثم دخلت الدار قبل أن تنقضي عدتها فإنها تطلق ثلاثا بالحديث لأنه لا يملك رجعتها ولكن إن لم تدخل الدار حتى تنقضي عدتها ثم دخلت لم يحنث فإن هو تزوج بها بعد ذلك فهي امرأته ولا يحنث أبدا بعد ذلك إن دخلت الدار أو لم تدخل لأن الحنث قد وقع وليست في ملكه في قول الشافعي وأصحابه قال أبو عبد الله: والقول عندنا أنها لا تبين بواحدة إلا بعد انقضاء العدة
اختلف أهل العلم في الرجل يحلف على أربعة أشهر فما دونها أن لا يقرب امرأته فيها هل يكون بذلك موليا أم لا؟. فقال سفيان: وأصحاب الرأي لا يكون موليا حتى يحلف على أربعة أشهر فصاعدا وقال ابن أبي ليلى وشريك مع طائفة من أهل الكوفة إذا حلف على قليل من الأوقات أو كثير أن لا يجامع امرأته فيها فترك أربعة أشهر لم يجامعها فهو مول وقد روي ذلك عن ابن مسعود أن رجلا حلف أن لا يقرب امرأته عشرا فتركها أربعة أشهر فأبانها منه وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأبو عبيد لا يكون موليا يجب عليه حكم الإيلاء حتى يحلف أن لا يجامع امرأته أكثر من أربعة أشهر فإذا حلف على أكثر من أربعة أشهر ثم تركها أربعة أشهر لم يجامعها وجب عليه حكم الإيلاء وقد روي عن ابن عباس أنه قال المولي الذي يحلف أن لا يأتي امرأته أبدا واختلفوا ما الذي يجب عليه من حكم الإيلاء بعد مضي الأربعة أشهر: فقال سفيان: وأصحاب الرأي وابن أبي ليلى عذا حلف الرجل أن لا يجامع امرأته أربعة أشهر أو أكثر ثم تركها فلم يراجعها أربعة أشهر بانت منه بتطليقة وتعتد بعد الأربعة الأشهر ثلاث حيض ويخطبها زوجها في عدتها ولا يخطبها غيره فإن شاءت تزوجه في عدتها وقال مالك والشافعي وأبو ثور وأبو عبيد وأحمد وإسحاق إذا مضت أربعة أشهر فرافعته المرأة على الحاكم تطالبه بالجماع وقعه الحاكم لها إما أن يفي وإما أن يطلق ولا تبين منه دون أن يوقف الحاكم فإذا وقفه الحاكم فإن هو فاء فبقي امرأته على حالها وإن طلق طلقت تطليقة وهو أملك برجعتها فأما أن لم ترافعه ورضيت أن لا يجامعها فهي امرأته أبدا حتى ترافعه وتطالبه وهذا القول يروى عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وابن عمر وعائشة وأبي الدرداء وقال سهيل بن أبي صالح عن أبيه سألت اثني عشر رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل يولي من امرأة فكلهم يقولون ليس عليه شيء حتى تمضي أربعة أشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق. قال ابن شبرمة إذا مضت أربعة أشهر فلم يجامعها طلقت تطليقة وهو أملك برجعتها ويروى هذا القول عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن ومحكول والزهري قال أبو عبد الله: فإن لم يف ولم يطلق فإن الشافعي قال يطلق عليه الحاكم تطليقة ويكون أملك برجتعها وكذلك قال أبو عبيد وأبو ثور وبه أقول. قال سفيان وأصحاب الرأي إذا كان الرجل مريضا لم يقدر أن يجامع أو كبر أو حبس أو كانت حائضا أو نفساء لا يقدر أن يجامعها فليف بلسانه يقول قد فئت فإنه يجزيه ذلك. وقال الشافعي إذا أوقفه الحاكم فحاضت أو مرضت مرضا يمنع الإصابة لم يكن عليه سبيل حتى تطهر أو تبرأ من مرضها ثم يوقف فإما أن يفيء أو يطلق وكذلك قال أبو ثور قال لا يجزئه الفيء باللسان من الجماع. قال أبو عبد الله: وبه أقول فإن قال لها: أنت علي كظهر أمي إن جامعتك فمضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها: فإن سفيان وأصحاب الرأي قالوا قد وقع عليها الإيلاء وبانت منه بتطليقة قالوا فإن جامعها بعد الأربعة الأشهر وقع عليها الظهار ولا يجامعها بعد جماعه الأول حتى يكفر وسقط الإيلاء وكذلك قال الشافعي في كلا المسألتين. وقال الشافعي إذا جعلها عليه كظهر أمه عن قربها سنة فتركها سنة فهي امرأته ولا يدخل عليها الإيلاء فإن قال لها فإن قربتك فأنت طالق ثلاثا فتركها أربعة أشهر لم يقربها فهو مول في قول سفيان وأصحاب الرأي والشافعي وأبو عبيد قال عطاء بن أبي رباح لا يكون موليا لأن الطلاق ليس يمين قال أبو عبد الله: والقول عندنا ما قال سفيان ومن تابعه في هده المسألة والتي قبلها. فإن ظاهر منها فوق سنة أو شهر أو يومًا: فإن سفيان وأصحاب الرأي قالوا لا يكون عيلاء إنما هو ظهار وكذلك قال الشافعي ومالك إن كان المظاهر يريد الإضرار بظهاره كان كالمولي وإن لم يرد اضرارا فلا يكون عيلاء وكذلك قال أبو عبيد ويروى عن جابر بن زيد وقتادة أنهما قالا إذا تركهما حتى تمضي أربعة أشهر لم يجامعها ولم يكفر في الظهار فهو مولي قال أبو عبد الله: القول عندي ما قال سفيان: ومن تابعه فإن آلى الرجل ثم فارق بواحدة أو اثنتين فإن سفيان وأصحاب الرأي قالوا لا يهدم ذلك الإيلاء وإن مضت أربعة أشهر قبل أن تحيض ثلاث حيض بانت منه وقال مالك وأبو عبيد وإن انقضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدة الطلاق فإنه يوقف فإذا أوقف فإن صار على الرجعة والفيء فهي امرأته وإن لم يف وطلق فهما تطليقتان ويروى عن عطاء وإبراهيم عن الطلاق قد هدم فإن مضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدة الطلاقة فلا شيء عليه من وقوف ولا غيره وقال الشافعي إذا آلى ثم طلقها ومضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدة الطلاق فلا وقوف عليه ولا طلاق ما لم يراجعها لأنه ليس له أن يجامعها ما لم يراجعها فإن آلى منها ثم طلقها فانقضت عدتها قبل مضي الأربعة الأشهر فإن سفيان وأصحاب الرأي قالوا بانت منه بالطلاق فإن هو تزوج بعد ذلك فالإيلاء كما هو لا ينتقض فإن مضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها بانت منه وهي أحق بنفسها قال الشافعي إذا تزوج بها بعد انقضاء العدة استأنف أربعة أشهر من يوم تزوج بها فإن تركها بعد التزويج أربعة أشهر وطالبته بالجماع وقف وقال أبو ثور إذا انقضت عدتها قبل مضي الأربعة الأشهر ثم تزوج بها بعد سقوط الإيلاء فلا يعود عليه حكم الإيلاء إلا أن يجدد الإيلاء فإن هو جامعها يكفر عن يمينه فلا شيء عليه عند ذلك قال أبو عبد الله: وبه أقول. فإن هو آلى منها ثم أتاها في فرج فلا أعلم من أهل العلم اختلافا عن ذلك لا يكون فيئا قال أبو عبد الله: ولا إيلاء عن أم ولد.
|